هل يُعد الإدمان على الطعام مشكلة ومرض حقيقي؟

لا يزال الإدمان على الطعام موضوعاً مثيراً للجدل في المجتمعات العلمية لأنه يرتبط بزيادة معدلات البدانة والسمنة بشكلٍ عام.

إن الإدمان على الطعام مفهوم يستخدمه الباحثون لوصف عادات الأكل القهرية لدى البشر والتي قد تشبه السلوكيات الشبيهة بالإدمان.

تشير الدراسات والأبحاث إلى ميل بعض الأفراد على الإدمان على الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات ، وتشير دراساتٍ أخرى إلى أن الأفراد المصابين بهذه الحالة يظهرون سلوكيات وأعراض ورغبات مماثلة لاضطرابات الإدمان الأخرى.

لا يوجد تعريف شائع محدد عالمياً للإدمان على الطعام لكن حدد الباحثون بعض السلوكيات المرتبطة بهذا المفهوم وتشمل:

• الإفراط في الأكل القهري حتى في حالة عدم الجوع.

• الرغبة الشديدة في تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات.

• صعوبة السيطرة في كمية الطعام المتناولة.

• أنماط الأكل المضطربة والأكل بشراهة.

- الإدمان على الطعام ليس مجرد نقص إرادة فحسب:

إن الإدمان على الطعام لا يختلف عن الإدمان على المخدرات لأنه يؤثر على المخ فالأشخاص الذين يتناولون الأطعمة المستساغة يحتاجون إلى كمياتٍ أكبر مع مرور الوقت للوصول إلى مستوى الشبع والسعادة والنشوة

فعند تناول كميات كبيرة من الطعام يفرز الجسم بعض الهرمونات مثل الدوبامين الذي يعطي الأشخاص الشعور بالسعادة وسرعان مايزول هذا الشعور بعد هضم الطعام مما يدفع للرغبة الشديدة في تناول الطعام مرة أخرى وتدريجياً يدمن الشخص على تناول كميات كبيرة من الطعام

على سبيل المثال: قد يشتهي الناس المشروبات السكرية لأنها تجعلهم يشعرون بالرضا بسبب إفراز هرمون الدوبامين وليس لأنهم يتلذذون حقاً بشرب هذه المشروبات.

أثار مفهوم الإدمان على الطعام جدلاً كبيراً في الأواسط العلمية فاعتبره البعض سبباً رئيسياً في السمنة المفرطة وزيادة الوزن.

- الكثير من الجدل والخلافات حول مفهوم إدمان الطعام:

فيما يلي بعض الخلافات ذات الصلة:

1. تركّز العديد من الدراسات على نقاط التشابه بين الرغبة الشديدة في تناول الطعام والرغبة الشديدة في تعاطي المخدرات الغير مشروعة.

لكن ، إذا كان الطعام يسبب الإدمان فهل من الممكن أن يكون الطعام ضاراً بالنسبة لنا؟

إن كل من الأطعمة والأدوية تحفزان نظام المكافأة ومركز المتعة في الدماغ ، لكن الأطعمة لا تخلف التأثير الدوائي التي تخلفها الأدوية.

2. الأطعمة التي تسبب الادمان:

لم يحدد الباحثين المغذيات أو العناصر الغذائية التي تسبب الإدمان على الطعام.

لكن أثبتت بعض الدراسات التي أجريت على الفئران أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون والسكريات يؤدي إلى سلوكيات شبيهة بالإدمان.

لا بُد من إجراء دراسات مكثفة وطويلة الأمد على البشر لتحديد أي المغذيات تسبب الإدمان على الطعام.

3. السمنة والأطعمة الدهنية والسكرية والإدمان على الطعام:

تشير بعض الدراسات إلى أن الإدمان على الطعام هو سبب منطقي للسمنة وزيادة الوزن.

لكن... استنتجت إحدى المراجعات أن هناك عدد كبير من الأفراد المصابين باضطراب الأكل القهري ولايعانون من السمنة وزيادة الوزن وأن هناك عدد كبير من الأشخاص يعانون من السمنة ولا يعانون من اضطرابات الأكل أو إدمان الطعام.

إضافة إلى ذلك... إن تناول الأطعمة الغنية بالدهون والسكريات ليست بالضرورة عاملاً في الإفراط في تناول الطعام والسمنة

حيث أفادت إحدى المراجعات أنه حتى الطعام الذي لا يحتوي على نسبة عالية من الدهون أو السكر يمكن أن يسبب الإفراط في تناول الطعام.

4. اتباع الأنظمة الغذائية والتبديل بينها:

قد تكون الأنظمة الغذائية الشائعة لفقدان الوزن مقيدة للغاية وصارمة لكن ليس بالضرورة الحرمان من تناول الطعام سبباً للرغبة الشديدة والإفراط في تناول الطعام ، فالتبديل بين الحميات الغذائية المختلفة وتقييد الطعام المستهلك بشكل متكرر قد يؤدي إلى إدمان الطعام.

-كيف يمكن التخلص من سلوكيات الأكل الغير مرغوب فيها؟

1- طلب المساعدة:

يمكن لأي شخص يشتبه في إصابته باضطراب في الأكل أو إدمانه على الطعام أن يطلب المساعدة من أخصائي التغذية لتلقي العلاج المناسب.

2- تعديل البيئة:

قد تكون البيئة المحيطة التي تشمل رؤية الأطعمة ورائحتها سبباً في الرغبة الشديدة في تناول الطعام.

يمكن للأفراد تعديل بيئتهم دون فرض القيود والضوابط من خلال مايلي:

1. تقسيم كميات الطعام بشكلٍ متساوٍ على مدار الوجبات اليومية ، وتخزين الباقي منها في مكانٍ بعيدٍ عن الأنظار.

2. الجلوس بعيداً عن طاولات الطعام ومحاولة التركيز على الجوانب الاجتماعية للتواصل مع الآخرين والمحادثة معهم بدلاً من حصر التركيز على الأطعمة المتاحة.

3. وضع الأطعمة الصحية في أماكن ظاهرة للتذكير والتشجيع على أهمية تناول الأكل الصحي. على سبيل المثال: وضع الفاكهة في وعاء أو طبق على منضدة المطبخ.

4. زيادة تناول الأطعمة الطبيعية والخضروات غير النشوية بدلاً من الأطعمة المصنعة.

- التغييرات الصغيرة تحدث فرقاً كبيراً:

إن الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية تَعِد بنتائج سريعة خلال وقت قصير غالباً مايسترجعون الكيلوغرامات المفقودة خلال وقتٍ قصير.

لذلك يجب إحداث مجموعة من التغييرات البسيطة التي تحدث فرقاً كبيراً مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام لدعم الصحة الجيدة والسيطرة على أي مرض محتمل واتباع نظام غذائي صحي وسليم والابتعاد عن كل محفزات الأكل الغير صحي.

باختصار... السمنة حالة طبية معقدة لها العديد من الأسباب المحتملة وتنجم عن الكثير من الحالات الصحية ، لذلك لا يمكن معالجتها باتباع الأنظمة الغذائية ذات المفعول السريع.

بالنهاية...

إن الإدمان على الطعام سبب أساسي محتمل للسمنة ويشبهه الباحثين بالسلوكيات الإدمانية التي يظهرها الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات في كثير من الأحيان.

هناك حاجة ماسّة لإجراء دراسات مكثفة أكثر صرامة على البشر لفحص العناصر الغذائية أو أنماط الأكل التي قد تكون سبباً في إدمان الطعام.

المصدر: هنا